سأحكي لكم عن التجربة التي غيرت نظرتي للقصص بشكل كامل
ففي بداية عملي كمعلمة لرياض الأطفال وفي فترة مشاهدة قصة جاك ونبتة الفاصولياء
على جهاز الكمبيوتر كان بالطبع الأطفال مستمتعين بالقصة ويشجعون جاك
طول الوقت حتى لما سرق من العملاق(هل تصدقون كانوا يصفقون على سارق!!! ) وأما العملاق فلم يكن نصيبه من التصفيق الا لما سقط
ومات كنهاية سعيدة للقصة أطفأت جهاز الكمبيوتر ويعتريني إحساس بالذنب لما قدمته
لأطفالي وسألت نفسي ماذا استفاذ الاطفال من هذه القصة؟ماهي العبرة التي سيعملون بها؟!و هل أشرح لهم سوء فعل جاك فيشعرون بالخيبة كونه بطل القصة
ويحبونه أم أغفل عن الامر واترك الأطفال مستمتعين بالقصة فهي مجرد قصة على كل حال.
ولكن أكثر ما ضايقنني هو إحساسي بوجود شيء خاطئ لذلك قررت أن اشرح للأطفال لماذا
هذه القصة سيئة وغير مفيدة وكانت ردة فعلهم مفاجأة جعلتني أندم على تقديم هذا
النوع من القصص. سأخبر لاحقا عن تفاصيل رد فعلهم ولكن بعد أن أشرح لكم سبب سوء هذه
القصة بالتفصيل ولا تنسوا أن تشاركونني برأيكم في جهة التعليقات.
أهمية قصص الأطفال
صحيح ان لقراءة القصص فوائد كثيرة للأطفال وبالفعل لا ينكر أحد مميزات
القصص في تنمية خيال الطفل ومساعدته
على البدء في التعبير عن نفسه واكتسابه للغة السليمة وبصفة خاصة تلك القصص التي
تحكيها الأم قبل النوم، فهي تعمل على توطيد الرابطة العاطفية بين الأم وطفلها وأيضا غرس القيم وتعديل السلوك بعيدا عن الوعظ المباشر فالقصة
تشد انتباهه ويقظته الفكرية والعقلية ويعيش مع أبطالها لتأتى فرصتنا لعلاج وغرس قيم بداخله فالعمل الأدبي
الموجَّه للطفل من الوسائط القادرة على تفجير إبداع الطفل، والتأثير العميق على
طاقاته النفسية والإبداعية في حاضره ومستقبله، فإن القصة هي في رأي ميلود قيدوم من مقاله "القصة
وعلاقتها بعقل الطفل" في مجلة العلوم الإنسانية "الجنس الأدبي الوحيد القادر على الاستجابة لحاجات الطفل بما تملكه من
سلاسة وعفوية في الطرح أحيانًا، فإنها تؤهل حواسه عن طريق الحكي إلى الإقبال
عليها؛ إذ هي الوسيلة المثلى التي تلعب دورًا فعالاً، وتحقق أهدافًا ومضامين يسعى
جميعنا إليها".
إذا للقصة دور هام في غرس القيم والسلوكيات فالطفل يتأثر بشكل كبير بمحتوى
القصة بما أنه عجينة رخوة، يقبل كلَّ ما يقدَّم له، ويتأثر بها وبسرعة فائقة، فهو
وبحكم عمره ونقص تجرِبته لا يستطيع التمييز بين الجيد والرديء، ذلك لأنه لا يملك
القدرات الكافية التي تخوله للحكم على ما يقدم له.
دور القصة في تنمية القيم الأخلاقية
لكل قصة قيمها الخاصة التي تقدمها فيا ترى ماهي القيم
الأخلاقية التي تزرعها هذه القصة في عقل الطفل
ü
لا
بأس أن تكون كسولا فبطلنا كسول أيضا ولا يحب العمل رغم فقره ويفضل الراحة والنوم.
ü
تصديق
كل كلام الغرباء رغم تنبيه الام.
ü
الأمور التي لها أكبر الأثر
السلبي على الشخصية الدينيِّة للطفل كاللجوء إلى السحر والشعوذة
كعندما قدّم العجوز حبات الفاصولياء التي اعتبرها سحرية. هذه الصورة وإن كانت قادرة على تنمية خيال الطفل،
إلا أنها قادرة في الآن ذاته من جعله يفكر في استخدام السحر والشعوذة كوسيلة لحل
مشاكله، فيتمنى لو تكون لديه هذه الحبوب السحرية، وهذا ما لا يتقبله ديننا
الإسلامي وينصح بتجنبه.
ü
ومن أكثر القيم السيئة التي
تقابلنا في هذه القصة المترجمة تلك التي تمجد السرقة، وتجعل من القوة الكسب السهل الوسيلة
الوحيدة لحسم المشكلات والأزمات كأزمة الفقر التي اعترضت البطل فهي كأنها تقول لا بأس بالسرقة اذا كنت محتاجا ويجب أن تستغل عطف الاخرين
لمصلحتك الخاصة.
ü
الطعن
في دور الأم التوجيهي لطفلها فهي لم تسأل البطل من أين اتى بالنقود مادامت ستستفيد
هي أيضا فكان الأهم عندها الخروج من الفقر وتمكنها من العيش برخاء هي الصورة للأم
التي تقدمها القصة وهي بعيدة كل البعد عن الصورة النمطية التي يجب أن تكون عليها
الأم.
ü
كن
كسولا وسارقا وستصبح غنيا وتعيش حياة رغيدة وسعيدة. إن
الطفل في عقله اللاواعي يُقبِل على مثل هذه القصص ويتحمس لها كثيرًا، وهي التي
تجعل الحياة الإنسانية شيئًا هينًا في وجدان الأطفال، فتعلمهم الكسب السهل والغير
مهم مصدره اذن يجب علينا إبعادهم عن مثل هذه القصص، وحتى عدم الخوض فيها أو نقلها
إليهم؛ لأنها ترسخ مفاهيم خاطئة في عقولهم بدل أن تفيدهم.
ü
كن
طمّاعا ولا ترضى بالقليل فكل شيء يمكنك الحصول عليه. ويستمر ترسيخ المبادئ الخاطئة
فالقصة تعلم الأطفال الشجع والطمع وعدم الاكتفاء بما لديهم وهذه سلوكيات شائنة وستفسد
تربيتهم.
ü
لا
عاقبة للفعل السيء ولن يحاسبنا أي أحد. كما ترون هنا غياب تام للسلطة العليا التي
تحاسب على الأفعال الخاطئة في القصة وهذا إنما يأتي في إطار ثقافة منتجيها وصورها
تعبّر عن نمط مجتمع غير نمط مجتمعاتنا المسلمة.
خصائص اختيار قصص الأطفال
اذن أصبح من المهم الان التركيز على كيفية اختيار قصص
الأطفال المناسبة لذلك يجب مراعاة مايلي.
ü اختيار القصص الهادفة
وليكون اختيارك الأول عن قصص الأنبياء وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة الصحابة والتابعين.
ü أن يكون موضوع القصة مشتملا
على فضائل وقيم ومثل عليا واتجاهات مرغوب فيها كالصدق و الأمانة والاحترام .
ü أن تكون اللغة راقية تثرى حصيلة الطفل تُكسبه لغة تنمى
ثقافته وتشجعه على التفكير السليم.
ü تجنبي
قصص الأطفال التي تحتوي العنف أو أي تصرفات قد تأثر على نفسية طفلك وتحرضه على
السلوكيات السيئة.
ü تجنبي
القصص الأجنبية المترجمة فهي لن تحمل في طياتها الفكر الإسلامي بل هي موجهة أكثر لمجتمعاتهم
الغربية والتي تكون عادة متناقضة مع اسسنا وقيمنا الاجتماعية.
ü اختاري
القصص التي مصدرها التاريخ العربي أو التراث الشعبي، وما أغناه بحكايات خرافية
وشعبية، كلها صور اسقاط لحياة المجتمعات العربية كحكاية جحا ونوادر أشعب. ونذكر
من بين النماذج القصصية الجزائرية التي توجهت هذا الاتجاه على سبيل المثال: قصة
صياد الزهور لنور الدين عبة، بقرة اليتامى
لرابح خدوسي، العجوز والأسد لأحمد بوهلال، المعزة والجديان لمحمد وضاي وقصة وصية
الغولة لآمنة آشلي، وجحا والشطار لمحمد مبارك الحجازي، وغيرها من القصص التي جعلت
من التراث الشعبي مادة لأحداثها وأفكارها، هذه الأحداث التي تبث في الطفل الجزائري
قيمًا ومبادئ هي من صميم مجتمعنا الإسلامي المحافظ.
رد فعل الأطفال على توضيح سوء القصة
بعد أن شرحت للأطفال الجوانب السيئة في قصة جاك وشجرة الفاصولياء وأنَّ
جاك ارتكب العديد من الأخطاء التي لا يجب أن نشجعها وحتى لو كان البطل في قصة
الأطفال فالفعل السيء يبقى سيئا. في الأول علت الدهشة على وجوههم ثم ما لبثت أن تحولت لحزن و خيبة أمل وحتى البكاء فبطلهم المغوار سقط من أعينهم وأصبح شخصا
سيئا. ولكن الشيء الإيجابي فبعد مشاهدتهم للقصة مرة أخرى في يوم اخر أشاروا على
الأفعال الخاطئة التي ارتكبها بطل قصة الأطفال أصبحوا أيضا منتبهين لأفعال الشخصيات في القصص الأخرى فتمكنوا من تقدير
الفعل الخاطئ من الصحيح في حدود معرفتهم الصغيرة بالسلوكيات الصحيحة من السيئة في
قصص الأطفال المختلفة.
للأسف يوجد العديد من القصص العالمية التي تحرض على سلوكات متنافية مع ديننا و عاداتنا كقصة سندريلا التي تذهب الى حفل راقص في منتصف الليل و قصص الاميرات التي تجعل من الزواج من الامير هو النهاية السعيدة لكل شيء .لذلك يجب اختيار قصص الاطفال المفيدة والمشبعة بدينما وأخلاقنا.
0 تعليقات